فتاوي في الدين و الأخلاق

(تابع) الدعوة إلى الله تعالى وشروطها


 

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين

 4 . الاجتهاد والتقليد

     سئل الشيخ رحمه الله: «هل كان اجتهاد الأئمة الكبار خاصا بعصورهم فقط، وهل باب الاجتهاد مغلق؟

     فأجاب بقوله: «لما كان الاجتهاد معناه بدل الوسع من استخراج نتائج المسائل التي لا نص ولا ظاهر فيها، وتقريرها بقدر ما تنقدح فكرة المجتهد فيها، كانت لذلك قابلة لتردد الحكم فيها، فقد يجتهد المجتهد اليوم في إصدار حكم ثم يظهر له خطؤه في فيتغير نظره ويصدر حكما غير الذي سبق له، فلهذا كانت مسائل الاجتهاد نتائجها غير قارة، فكل ما لا يستند إلى نص أو ظاهر أو إجماع، فإنه يمكن تغيير حكمه ويعاد فيه النظر ولا يتوقف على عصر فقد يستمر حكم المجتهد إن وافق أهل العصر الواحد إن تلاءم مع الحال، فإن خالفه فيمكن إعادة النظر فيه وإصدار حكم بدله موافق لمقتضى حال أهل العصر الذي جاءه بعد عصره. ويمكن مراجعة رسالة القضاء التي أملاها عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (1)، ففيها الغناء في هذا الباب والله المعين» (2).

5 . رأيه من الشباب الذين لا يحترمون العلماء

     سئل الشيخ رحمه الله عن: الشباب يتوانى عن العلماء ويصفهم بقلة العلم، فما رأيكم في هذا النوع من الشباب؟

     فأجاب قائلا: «إن هذا النوع من الشباب ميت الضمير لاشعور له، فهو كما قال الله في أمثاله: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لهُمْ قُلُوبُ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنُ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءاذَانُ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئكَ هُمُ الْغَفِلُونَ (3)، وهذا النوع من الشباب ضائع كَلٌّ على غيره، لا يأتي بخير يرجى من ورائه ربح ولا سعادة، فيجب أن يساق بقوة إلى ما فيه حياة له ونفع الغير به، بعد كماله وبلوغ الدرجة التي يصبح للعيش بها.

     ولقد مدح الله العلم وحث عليه في غير آية من كتاب الله العزيز وسنة رسوله الكريم، فالناس موتى وأهل العلم أحياء(4)، ولولا العلم لما بلغ الغربيون ما بلغوا ولازالوا في ازدياد، في حين أمة تدعي الإسلام قد صارت تبعا للغرب في كل شيء، فإنا لله وإنا إليه راجعون» (5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الأثر أخرجه الدارقطني في سننه (367/5 - 370 رقم (4471. واللفظ له. والبيهقي في السنن الصغير (133/4، رقم ) 3259). وفي السنن الكبرى (252/10، رقم(20537

(2) انظر: خطب منبرية ومقالات وحوارات ضمن سلسة الشيخ محمد شارف حياته و آثاره (533/5 . 534).

(3) سورة الأعراف/179.

(4) هذا مقتبس من البيت المنسوب لعلي بن أبي طالب:

 فقم بِعِلْم وَلا تَطْلُبُ بِهِ بَدَلاَ   النَّاسُ مَوْتَى وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَحْيَاءُ

انظر: ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ص7

(5) انظر: خطب منبرية ومقالات وحوارات ضمن سلسة "محمد شارف حياته وآثاره" (541/5).




facebook twitter youtube LinkedIn cheikh badaoui el djazairi mail
.
.

١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
ALG
GMT + 1

arrow_drop_up