أحداث وإصدارات

عبر أجواء رمضان المبارك ( الجزء السادس والأخير )


                                              بسم الله الرحمن الرحيم

                         اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين

4 / رمضان شهر الجهاد والفتوحات

أ / فضل الجهاد في سبيل الله وفضل الأمة الاسلامية

     الجهاد في الإسلام ذروة سنامه وسياج مبادئه وطريق الحفاظ على بلاده المسلمين. فهو من مبادئ الإسلام العظمى، لأنه سبيل العزة والكرامة والسيادة لهذا كان فريضة محكمة وأمراً ماضيا إلى يوم القيامة. وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا وغُزوا في عقر دارهم وخذلهم الله وسلط عليهم شرار الناس وأراذلهم. قال تعالى في آخر سورة الحج: ﴿ وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمَّاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس. فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ﴾.

     فهو تكليف محفوف برحمة الله. وهذا الدين كله بتكاليفه وعبادته وشرائعه ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته، ملحوظ فيه تلبية تلك الفطرة، وإطلاق هذه الطاقة والاتجاه إلى البناء والاستعلاء، فلا تبقى حبيسة كالبخار المكتوم، ولا تنطلق انطلاق الحيوان الغشيم. وهو منهج عريق أصيل في ماضي البشرية، موصول الماضي بالحاضر ﴿ ملّة أبيكم إبراهيم ﴾ ولم تفصل بينها فجوات مضيعة لمعالم العقيدة كالفجوات التي كانت بين الرسالات السالفة قبل سيدنا ابراهيم خليل الله عليه السلام. وقد سمى الله هذه الأمة الموحدة بالمسلمين، سمّاها كذلك من قبل وسمّاها كذلك في القرآن المجيد.

     والإسلام هو إسلام الوجه والقلب لله وحده بلا شريك. فكانت الأمة المسلمة ذات منهج واحد على تتابع الأجيال والرسل والرسالات. حتى انتهى بها المطاف إلى أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحتى سلمت إليها الأمانة، وعُهد إليها بالوصاية على البشرية فاتصل ماضيها بحاضرها وبمستقبلها كما أرادها الله تعالى أن تحضى بالقوامة على البشرية بموازين شريعتها وتربيتها وفكرها عن الكون والحياة وذلك بعد شهادة نبيها الكريم عليها الذي حدّد لها نهجها واتجاهها ويقرر صوابها وخطأها. ولن تكون كذلك إلا وهي أمينة على منهجها العريق المتصل الوشائج المختار من الله جل علاه.

     ولقد ظلت هذه الأمة وصية على البشرية طالما استمسكت بذلك المنهج الإلهي وطبَّقته في حياتها الواقعية، حتى إذا انحرفت عنه وتخلت عن تكاليفه ردها الله عن مكانة القيادة إلى مكان التابع في ذيل القافلة وما تزال، ولن تزال حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اجتباها له الله تعالى.. وهذا الأمر يقتضي الإحتشاد له والإستعداد. ومن ثم يأمرهم القرآن بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله لأن الصلاة صلة الفرد الضعيف الفاني بمصدر القوة والزاد، والزكاة صلة الجماعة بعضها ببعض والتأمين من الحاجة والفساد، والاعتصام بالله هو العروة الوثقى التي لا تنفصم بين المعبود والعباد...

     بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصاية على البشرية وتملك الإنتفاع بالموارد والطاقات المادية التي تعارف الناس على أنها مصادر القوة في الأرض، والقرآن الكريم لا يقلل من شأنها، بل يدعو إلى إعدادها بقوله في سورة الأنفال: ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ﴾(60) وفي سورة النساء (102): ﴿ ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ﴾. ولكن مع حشد القوى والطاقات والزاد الذي لا ينفد، زاد العقيدة الراسخة وزاد الأخوة في الله الصادقة..

     وقد وردت أحاديث نبوية كثيرة تبين فضل الجهاد وأنه أفضل الأعمال عند الله تعالى. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور » (أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن خزيمة). وفي حديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ».




facebook twitter youtube LinkedIn cheikh badaoui el djazairi mail
.
.

٣٠ / أبريل / ٢٠٢٤
ALG
GMT + 1

arrow_drop_up