مناسك الحج و العمرة
(تابع ) مناسك الحج والعمرة
بسم الله الرحمن الرحيم |
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين |
مناسك الحج و العمرة |
[ تمهيد]
إن الحج قاعدة من قواعد الإسلام الخمسة التي هي: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج إلى بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا (1). [أولا. حكم الحج]
- حكم الحج
الحج أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام(2)، وهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب، فقوله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سبيلا "(3)
وأما السُّنَّة، فقوله : «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَيَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا »(4).
وأما الإجماع، فقد اتفقت الأمة الإسلامية خلفـا عـن سـلف، أنـه واجب وجوبا عينيا على المستطيع، كالصَّلاة والصوم والزكاة(5).
2 . متى يجب الحج؟(6)
اختلفوا فيه، فمنهم من أوجبه على الفور، ومنهم من أوجبه على التراخي، والقولان لمالك (7) متأوَّلان عليه. . فالظاهر عند المتأخرين أنّه على التراخي. وعلى القول بفوريته(8) الفقهاء البغــــــــداديون(9) من أصحاب مالك (10) . وهو مختار أصحاب أبي حنيفة (11)
وحجة من ذهب إلى تراخيه أن الحجَّ فُرض قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان على الفور لما أخره، ولو أخره لعذر لبينه(12).
وحجة من قال بفوريته، أنّه لما كان مختصا بوقت كان الأصل تأثيم تارکه حين يذهب الوقت(13). أصله وقت الصلاة، لها أول الوقت وآخره.
- فمن قاسه على أوّل وقت الصَّلاة قال: إنه على الفور.
- ومن قاسه على آخر وقتها قال: إنه على التراخي.
ثانيا . شروط الحج
للحج شروط صحة، وشروط وجوب:
- شرط صحته (14)
1- الإسلام.
- شروط وجوبه (15)
1- البلوغ.
2 - الاستطاعة، وهي إمكان الوصول إلى مكَّة المكرَّمة، .مع صحة الجسم والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، مع وجود الزاد الذي يرتفق به الحاج في الذهاب والرُّجوع والرَّاحلة إن كانت المسافة بعيدة، والأمن على نفسه وماله.
3 - الصحة والقدرة على الوصول والزاد والراحلة للبعيد، وكل ما تشمله الاستطاعة.
4 ـ الحرية.
5 ـ الاختيار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- (1) إشارة إلى حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ؛ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجَ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
- أخرجه البخاري [كتاب الإيمان باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسِ»]، (13/1) رقم 8، وفي غير هذا الموضع.
- ومسلم [كتاب الإيمان باب أركان الإسلام ودعائمه]، (19/1) رقم 21/19 . 22.
- (2) الحج لغة: هو القصد. انظر: الصحاح للجوهري (303/1) لسان العرب لابن منظور (745/1).
- وعرفه أبو العباس القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (142/1) بأنه: «القَصْدُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ المُعَظَّمِ لِفِعْلِ عِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ».
- وقال العدوي في حاشيته على شرح الرسالة لأبي الحسن (453/1) هو: «عِبَادَةٌ ذَاتُ إِحْرَامٍ وَوُقُوفٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ». وقال ابن عرفة: يمكن رسمه بأنه: «عبادة يلزمها الوقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجة». انظر: شرح حدود ابن عرفة للرصاع (169/1).
- (3) سورة آل عمران/97.
- (4) أخرجه مسلم [كتاب الحج باب فرض الحج مرة في العمر]، (675/1) رقم 412/1337.
- (5) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص 75 الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان ((246/1
- (6) انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد (321/1 . 322).
- (7) هو إمام الأئمة أبو عبدالله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، أحد أوعية العلم ومشاهير العالم، وإليه ينسب المذهب المالكي، أخذ عن ربيعة الرأي، وعبدالرحمن بن هرمز، ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما وغيرهم، وعنـه الشافعي، وابن القَاسِمِ، ويحيى بن يحيى الليثي والثوري، من مؤلفاته: الموطأ، تفسير غريب القرآن، ورسالة في القدر، توفي سنة 179هـ. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (465/5) التاريخ الكبير للبخاري (310/7)، ترتيب المدارك للقاضي عياض (102/1).
- (8) انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي (380/1).
- (9) يقصد بهم: القضاة إسماعيل، وابن القصار، وابن الجلاب، وعبد الوهاب وأبو الفرج، والشيخ أبو بكر الأبهري ونظراؤهم. انظر: كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب لابن فرحون، ص 176، المذهب المالكي: مدارسه ومؤلفاته - خصائصه ومدارسه، لمحمد المختار محمد المامي، ص 491.
- (10) انظر: الذخيرة للقرافي (180/3)، المنتقى للباجي (368/2) المقدمات الممهدات لابن رشد الجد (381/1)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (266/1).
- (11) هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي التميمي الكوفي، فقيه الملة، عالم العراق، روى عن عطاء بن أبي رباح، وطاووس، وحدث عنه خلق كثير منهم إبراهيم ابن طمهان، وإسحاق الأزرق، والجارود بن يزيد من مصنفاته الفقه الأكبر في الكلام، المسند في الحديث، العالم والمتعلم الرد على القدرية، توفي سنة 150هـ. انظر: طبقات خليفة بن خياط ص 167 التاريخ الكبير للبخاري (81/8)، تهذيب التهذيب لابن حجر (441/10).
- (12) راجع: بداية المجتهد لابن رشد (321/1)، حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي (281/2 282).
- (13) راجع بداية المجتهد لابن رشد (321/1)، المعونة للقاضي عبد الوهاب (321/1).
- (14) انظر: الذخيرة للقرافي (179/3)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (266/1)، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 184.
- (15) انظر: الذخيرة للقرافي (179/3)، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 183، مختصر الشيخ خليل ص 72.