دراسات

لبّيك ياقـــدس ( تابع الجزء (2): من الباب الثالث-الفصل الأول/ ج )


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين

القرآن الكريم والسنة المطهرة ينبئان بنهاية بني إسرائيل وتطهير المسجد الأقصى من أرجاسهم.

ج - وحدة الأمة الإسلامية حتمية وحقيقة واجبة لدحر الصهيونية وتحرير مقدساتنا

     يتبين مما سلف أن نهاية إسرائيل محققة حتما بنص القرآن الكريم والسنة النبوية وزوال كيانهم علامة من علامات الساعة فتستريح البشرية من ويلاتهم ونكباتهم فيتطهر المسجد الأقصى من أرجاسهم وسائر مقدسات الإسلام ويجد كل حائر تائه ضالته وسبيله..

     ولن تنال البشرية الكرامة التي وهبها لها الله، ولن يتحرر "الإنسان" في "الأرض" إلا حين يكون الدّين كله لله فلا تكون هنالك دينونة لسلطان سواه. وإلى هذا النعيم والعيش الرغيد يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي السالف الذكر… فيقول: "فيكون عيسى بن مريم عليه السلام في أمتى حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حُمة كل ذات حُمة (كل ذات سم)  حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره، وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض كفاثور الفضة (طست) تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم يكون الثور بكذا وكذا من المال وتكون الفرس بالدريهمات قالوا يا رسول الله وما يرخص الفرس؟ قال  عليه الصلاة والسلام لا تركب لحرب أبدا. قيل له فما يغلى الثور. قال صلى الله عليه وسلم: تحرث الأرض كلها"[1].

     ولا بد لتحقيق هذا الهدف الضخم من أمرين أساسيين:

     أولهما: دفع الأذى والفتنة عمن يعتنقون هذا الدين ويعلنون تحررهم من حاكمية الإنسان، ويرجعون بعبوديتهم لله وحده، ويخرجون من العبودية للعبيد في جميع الصور والأشكال. وهذا لا يتم إلا بوجود عصبة مؤمنة ذات تجمع حركي تحت قيادة تؤمن بهذا الإيمان العام ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدّين كلُّه لله﴾ (الأنفال/39) وتنفذه في عالم الواقع وتجاهد كل طاغوت يعتدي بالأذى والفتنة على معتنقي هذا  الدين، أو يصد بالقوة وبوسائل الضغط والقهر والتوجيه من يريدون اعتناقه.

     وثانيها: تحطيم كل قوة في الأرض تقوم على أساس عبودية البشر للبشر في صورة من الصور وذلك لضمان الهدف الأول، ولإعلان ألوهية الله وحدها في الأرض كلها بحيث لا تكون هناك دينونة إلا لله وحده. فالدين هنا بمعنى الدينونة لسلطان الله وليس هو مجرد الاعتقاد.

     ولابد هنا من بيان الشبهة التي قد تحيك في الصدور من هذا القول على حين أن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي﴾(البقرة/256) إن الذي يعنيه هذا النص: ﴿ويكون الدّين كلُّه لله﴾ هو إزالة الحواجز المادية، المتمثلة في سلطان الطواغيت، وفي الأوضاع القاهرة للأفراد فلا يكون هناك حينئذ سلطان في الأرض لغير الله، ولا يدين العباد يومئذ لسلطان قاهر إلا سلطان الله. فإذا أزيلت هذه الحواجز المادية ترك الناس أفرادا يختارون عقيدتهم أحرارا من كل ضغط على ألا تتمثل العقيدة المخالفة للإسلام في تجمع له قوة مادية يضغط بها على الآخرين، ويحول بها دون اهتداء من يرغبون في الهدى، ويفتن بها الذين يتحررون فعلا من كل سلطان إلا سلطان الله.

     إن الناس أحرار في اختيار عقيدتهم على أن يعتنقوا هذه العقيدة أفرادا، فلا يكونون سلطة قاهرة يدين لها العباد. فالعباد لا يدينون إلا لسلطان رب العباد[2]. ﴿ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم﴾ ويومئذ يتجلى رمضان بنفحاته فتفتح القدس كما فتحت مكة وتقام الشعائر الدينية الإسلامية في المسجد الأقصى المبارك ويدخل الناس في دين الله أفواجا تحت ظل العبودية لله وحده والحرية والمحبة والعدل والمساواة بين الناس.

     ولابد للأمة الإسلامية من إمام تبايعه الرعية. نعم إمام يحكم بما أنزل الله ويحكم شرع الله في أمته.. فبدون إمام تبقى الأمة تائهة لا تعرف للرقي سبيلا ولا للعز منهجا لأن أعضاءها مصابون بسرطان المادة وحب السلطة والشهرة ولو على حساب الأمة فنتج من ذلك أمراض عديدة كالتفرقة والعصبية والقومية.. فبالإمام تصلح عقيدة الأمة ويصلح سلوك أفرادها فتكسب حينئذ مناعة ضد كل غزو وقوة داحضة لكل اعتداء.     يــتــبــع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 




facebook twitter youtube LinkedIn cheikh badaoui el djazairi mail
.
.

٠٥ / مايو / ٢٠٢٤
ALG
GMT + 1

arrow_drop_up